حجة نيوز ||مقالات ||عبدالرحمن الأهنومي
يعود الحديث بكثافة عن فبركات محاصرة تعز إلى الصدارة، في وقتٍ تبلغ الأزمة المعيشية والانهيار الاقتصادي ذروتها في المحافظات والمناطق المحتلة، في توقيت الإثارة الجديدة للعدوان وأبواقه ومرتزقته لعنوان «حصار تعز»، فإن الهدف هو التغطية على الأزمة الإنسانية والمعيشية والاقتصادية التي تعصف بالمناطق والمحافظات التي يحتلها العدوان ومرتزقته، وفي سياق الإثارة ثمة محاولة لإعادة تركيب المشهد العام للحرب العدوانية والحصار والمفاوضات حولها نحو «تعز»، الذريعة التي لطالما استخدمها العدوان وأبواقه كورقة ابتزاز للتغطية على جرائمهم وعلى فظائعهم بحق الشعب اليمني أحيانا، وعلى فشلهم وهزائمهم وإخفاقاتهم وصراعاتهم أحيانا أخرى.
بادئ ذي بدء، لا صحة للادعاءات المفبركة والمكررة بأن الجيش واللجان الشعبية يحاصرون تعز ويغلقون طرقاتها، وهناك اعترافات مثبتة ومسجلة للمرتزقة بذلك، وقد اعترف أحد قاداتهم بتلك الحقيقة مؤخرا، وحدد فصيلا من فصائل المرتزقة يحاصر تعز وأوضح ذلك بكافة التفاصيل، في المقابل لا تطوق القوات المسلحة مدينة تعز من كافة الجهات، بل تتمركز في مناطق متاخمة للمدينة من جهة واحدة، وثلاث جهات أخرى تحت سيطرة المرتزقة والعملاء، ومع ذلك قامت قواتنا بفتح الطرقات التي تمر عبر مناطق التماس إلى مدينة تعز، بينما بقيت الطرق التي تؤدي إلى مدينة تعز من المناطق التي يسيطر عليها مرتزقة العدوان مغلقة إلى اليوم، علاوة على أن عصابات المرتزقة قامت برفض مبادرات القوات المسلحة بفتح الطرق المؤدية إلى وسط مدينة تعز من جهة الحوبان، ومنعت المواطنين المرور عبرها، لأن ذلك سيؤدي إلى فقدان هذه العصابات لموارد مالية تنهبها من أصحاب القاطرات والشاحنات التي تمر من مناطقها، إذ أن فتح هذه الطرقات سيجعلها تمر من مناطق خارج سيطرة هذه العصابات.
واللافت في المسألة أيضا أن عنوان حصار تعز – الذي بات يثير القرف لكثرة الأكاذيب والدجل والتلفقيات – تم إعادة إثارته اليوم من قبل أبواق العدوان وعملائه ومرتزقته وخدمه وعبيده، بالتزامن مع الانهيار العاصف بالحياة المعيشية للمواطنين في المناطق المحتلة بما فيها تعز جراء انهيار العملة وتردي الأحوال المعيشية وارتفاع السلع، وما ترتب على ذلك من تحركات شعبية في تلك المناطق والمحافظات المحتلة، وإعادة الإثارة للعنوان أعلاه جاء مع الإصرار على إعادة تكرار الأكاذيب عن حصار تعز مع إضافات وتحسينات تكشف بعدا آخر للترويج لهذه الكذبة، يتمثل في أن إعادة تدوير كذبة «حصار تعز» بهدف حشد المبررات والعناوين الذرائعية لتشديد الحصار على الشعب اليمني، وهذه المهمة يؤديها المرتزقة من خلال تعز التي استخدمت لأغراض كهذه في محطات كثيرة خلال العدوان على اليمن.
وقد بات معروفا للقاصي والداني أن التلويح بقربة «حصار تعز»، لا يتم تحريكه من قبل العدوان ومرتزقته إلا حينما يرتكب العدوان جريمة أو عندما يريد التغطية على هزيمة يتعرض لها، أو عندما يكون الجيش على وشك إحراز انتصار في منطقة معينة، أو حينما تكون الأجواء إيجابية من النواحي السياسية، والهدف هو الإثارة والمساومة بورقة حصار تعز واستثمارها سياسيا وإعلاميا لتحقيق مكاسب.
الحقائق التي تفضح وتعري العدوان ومرتزقته كثيرة، ولا أوضح منها المفاوضات التي انعقدت حول الطرقات، في شهر مايو من العام 2022م، في العاصمة الأردنية عمّان، بين الفريق الوطني، وبين ممثلي مرتزقة العدوان، وفيما كان تعاطي اللجنة العسكرية الوطنية إيجابيا وبكل مسؤولية مع طرقات تعز، ومع بقية الطرقات في المحافظات اليمنية، كان موقف ممثلي مرتزقة العدوان سلبيا، فقد رفضوا مناقشة الطرقات المقطعة بين المحافظات بسبب جبهات الحرب، بل وصل بهم الحال إلى رفض مبادرة اللجنة العسكرية بفتح 3 طرقات رئيسية سالكة إلى وسط مدينة تعز، تؤدي إلى حل المعاناة لأبناء مدينة تعز، وأعلنوا صراحة رفضهم لذلك، وثبت للقاصي والداني أن مرتزقة العدوان لا يريدون فتح طرقات ولا تخفيف معاناة المواطنين في مدينة تعز، بل يريدون المتاجرة والمساومة والابتزاز بهذه القضية لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية، ومكاسب عسكرية، وظهرت مواقفهم بوضوح أنهم لا يسعون إلى حلول ترفع معاناة المواطنين في مدينة تعز، بل إلى انتزاع تنازلات من جانب الجيش واللجان الشعبية بإخلاء مناطق مفتوحة أمام عصابات المرتزقة ومليشياتهم العميلة لتسيطر على هذه المناطق وتجتاحها وتصبح محتلة، كما هو حال مدينة تعز.
ومن خلال الإثارات المتكررة لهذه القضية، ومن خلال تعويم عنوان «ارفعوا الحصار عن تعز»، يضغطون إعلاميا ودعائيا لتحقيق ذلك، ورغم تعنتهم ورفضهم للمبادرات والحلول التي قدمها الطرف الوطني في مفاوضات عمان، وجه المجلس السياسي الأعلى عقب انتهاء المفاوضات بالمبادرة لفتح إحدى أهم الطرق التي تربط مدينة تعز بالمناطق الحرة التي يتواجد فيها الجيش واللجان الشعبية، وأنزلت اللجنة العسكرية فرقها لفتحه، وأمام الكاميرات والصحفيين والإعلاميين الذين كانوا يتواجدون في المكان تعرضت الفرق الميدانية لإطلاق الرصاص من قبل مليشيات المرتزقة المتمركزة على مقربة من الطريق، ومع ذلك استطاعت الفرق الميدانية من نزع المخلفات التي كانت تقطع الطريق، وحين حاول المواطنون المرور عبره أوقفتهم نقاط عسكرية نصبها مرتزقة العدوان ومنعتهم من المرور بل أطلقت الرصاص على باصات نقل كانت تقل مدنيين أرادت المرور من هذا الطريق.
أن يحاصر المرتزقة والعملاء مدينة تعز، ويتصدون بالرصاص لأي خطوات ميدانية تسهل وصول أبناء مدينة تعز من المناطق الحرة إلى وسط المدينة، ثم يحملون الدولة اليمنية وجيشها الوطني المسؤولية ويشهرون عنوان «ارفعوا الحصار عن تعز» ولسنوات طويلة، يعيدون تدوير العناوين وتكرارها وإثارتها، فإنهم بذلك إنما يتاجرون بالقضايا والعناوين ويستثمرون في المعاناة التي تسببوا بها بأنفسهم، ومتاجرتهم تلك تكشف قبحهم وانحطاطهم وإفلاسهم وهم يميتون الناس ويضاعفون معاناتهم ثم يذهبون للاستثمار في ما يفعلون، وهذا ليس من باب شيطنة عصابات العدوان العميلة، أو من باب اتهامها بما ليس فيها، فهذه العصابات ومشغلوها «دول تحالف العدوان» لا تحتاج إلى شيطنة أساسا، إذ أن ما ارتكبته بحق الشعب اليمني من جرائم وتجويع وحصار وخنق وإبادة خلال تسعة أعوام تنضح بكل الممارسات الشيطانية والإجرامية البعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية.
للحديث بقية