ايلي فرزلي – نائب رئيس المجلس النيابي السابق
قمر العروبة، شعاع الكلمة الهمة والهام الهرم، كأني بك آخر سيوف العرب قد ذرى في غمد الغياب، ناثراً وهج الانكسار مع هزيم ريح الغصة وحرقة البوح على مجد زاهر وزمن غادر، يا هيكل الكبرياء اليعربي.
أسفي عليك أيها النقي الأبي الموثوق بتاريخنا، سفر أمجاد يؤلف بين دمنا ودمعنا، من دونك أعاريب وشقاق، ومعك عرب الحمية والأخوة والوفاق، معك العلم والحلم في أعلى ذروة العلياء، من دونك الجهل والحقد ميزة الأحياء، معك عروبتنا فتية أبية، من دونك، ليت شعري، كيف أمست في رؤاها، في مناها جاهلية.
يا هيكل الكبرياء اليعربي، من غير نبض قلمك، شمسنا لا تشرق، وأمسياتنا زنزانة مصلوبة، وأحلامنا مصدوعة، تتحرق للغضب الجليل، وجداولنا قطرة تتمنطق بالقحط، يا من زرع دروبنا وضلوعنا بالنار، وزنّر حدودنا بأزهار الشهادة، يا من مدّ جسوراً لغدنا، وتوسّد حزننا، وسكن خبزنا وأتقن زرع الوعي فينا وحصد العزّ فينا، يا غضبة من لم يغضبوا، وهزّة الساكنين خنوعهم، صوتك صافح أسماعنا، ومزّق حناجرنا الباهتة لنستعذب طعم الحرية.
يا هيكل الكبرياء العربي، في نبرتك تمضي روح ناصر، تهّز الظلمة من عزلتها، مثل عصف الحلم يبث بلاغ النفير في بلاد لم تهن، في جياد ما كبت، يا روح ناصر تشّد الأواصر، في أمة ترى الذل رفعة والغزاة صحابا، وأضحى النصر وهماَ.. وأضحى سرابا.
أمة لا ترى في الخنوع شيئاً معيباً، والحارسون الحقوق أفلسوا، والسلاح فوق الرفوف.
أمة من عترة التواكل صارت، وتصنع الويلات من جهلها ثوباً، وتضم الأعداء من شوقها حباً.
أمة قدسها يستجير، ومسجدها الأقصى سليب، والمهد خراب، وهامات تطأطئ الرقاب، تتسكع في نبرة الخزي والذل، وحدك خارج نبرة الشك، وحدك العبور خلف المحظور، وأزيز الرصاص في سيناء، وصهيل البنادق في الخنادق، عروة العروبة الوثقى، هرم مصري يعانق قاسيون الشام، إن أشار.. أنار، واصل بين شرايين أمة زفّها الانتحار، حطّمت ذلنا بفتية كلماتك، وصنعت مجدنا رسالة انتصار.
ويوم نعق الحريق ربيعاً عفناً، وأفسد الدهر زماننا ومدائننا، وأدمن شرقنا ذبحة العار، وتدلّى الجنون فوق أعتابنا وأعناقنا وأثوابنا كنت لحظة الكشف تكتب سفر الصحو، تغرد احتراقاً كالمصابيح، كريح الغضب صوت من لا صليل لهم في صخب التيه، وخرافة «الثورة» وأراك تتجلى كبرق النهى خلف نفير الجهالة، تكشح الغمامة وتسدل رؤيا العقل عليها.
معك نودع ارتجاج الحبر في لغة الذهول، ونستل كلماتك نزرع سراً وسحراً للعارفين.
أيها الهيكل اليعربي, نعبر الى محراب صمتك الراعش، ونرتوي من أنواع ينابيعك، ويميد بنا صوتك الطالع من فيض الضوء، علنا نهتدي ونستنطق الجوهر من ذاك الظل الطاعن في الإشراق.