حجة نيوز | تقارير |
ولقد اختتم القادة الإماراتيون، الذين اعتقدوا في البداية أن الإنفاق العسكري الهائل الذي أنفقوه على حرب اليمن سيحقق أهدافه الاستراتيجية في هذا البلد الفقير، ومنذ بداية العدوان على اليمن، كانت استراتيجية الإمارات في اليمن مختلفة عن الاستراتيجية السعودية.
حيث كان الهدف الرئيس للسعوديين هو إضعاف جماعة “أنصار الله” حتى تعود السلطة مرة أخرى إلى الرئيس اليمني المستقيل “عبد المنصور هادي”، وتوسيع نفوذ الرياض في اليمن، وتعزيز الوضع الأمني على الحدود اليمنية السعودية. لكن الإمارات حاولت توسيع نفوذها في المناطق الساحلية وجنوب اليمن لتستخدمه في تعزيز وجودها على الخطوط البحرية في خليج عدن ومضيق باب المندب وأجزاء من القرن الافريقي وحاولت الإمارات بشكل أساسي التأثير على مجرى الأحداث في جنوب اليمن من أجل إضعاف حكومة “عبد ربه منصور هادي” المستقيلة ومنعها من مواجهة أهداف الإمارات في المنطقة.
وقبل عدة أيام، تداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لأحد السياح الإسرائيليين أثناء حمله للعلم الصهيوني في جزيرة سقطرى اليمنية. وأظهرت الصورة السائح الإسرائيلي الذي وفد إليها عبر فيز إماراتية وعلى ظهره علم كيان العدو في أعلى جبال الجزيرة الخاضعة لسيطرة الإمارات وفصائلها المسلحة . وكانت مصادر إعلامية تحدثت الأسبوع الماضي عن وصول رحلات جديدة لخبراء صهاينة إلى أرخبيل سقطرى باستخدام التأشيرات الممنوحة لهم من أبوظبي بعد أن حولتها إلى قاعدة تجسس للكيان الصهيوني وخصوصاً بعد مراسم إعلان التطبيع رسمياً مع كيان العدو في أيلول سبتمبر من العام الماضي.
لقد بلغ التحالف حداً غير معقول من الصفاقة في حربه على اليمن، بممارسته كل أشكال انتهاك السيادة اليمنية بجلب قوات من جنسيات متعددة وتوطينها في عدد من المحافظات اليمنية، ويمعن في استفزاز مشاعر اليمنيين بجلب المئات من الإسرائيليين باسم السياحة إلى أرخبيل سقطرى، وغالبيتهم خبراء عسكريين واستخباراتيين يشرفون بأنفسهم على إنشاء مواقع عسكرية مشتركة مع الإمارات والولايات المتحدة، ومدارج لطائراتهم الحربية ومراكز مراقبة، وبكل وقاحة توصل الإمارات الإسرائيليين إلى أعلى قمم أرخبيل سقطرى ليلتقطون الصور وهم يرفعون العلم الإسرائيلي، وكل ذلك الانتهاك لسيادة اليمن وحريتها واستقلالها يعنونه التحالف بشعار عريض مضلل زائف هو “تحرير اليمن”، مبالغة كبيرة ووقحة وتضليل كبير أن تجلب إلى بلدٍ ما كل أنواع الغزو والاحتلال وتوصله حد المجاعة بحصار اقتصادي مطبق، وتطلق العنان لطائراتك الحربية لتشن آلاف الغارات على الأحياء السكنية والمنشآت الخدمية الحيوية؛ وتسمي كل ذلك الصلف “تحرير اليمن”.
ولقد حرص تحالف العدوان على شراء ضمائر العالم بفعالياته المؤثرة لتأييده في تزييف الحقائق والمفاهيم رغم كل ما يُرى ويُسمع على أرض الواقع، الأمر الذي يحتم على من لا يزال يقف إلى جانب التحالف من اليمنيين الذين يقاتلون ضمن قواته، رفع الغشاوة عن أعينهم، ووضع سيادة وحرية بلادهم بمعانيها الحقيقية على رأس أولوياتهم واستشعارهم ما يستوجب عليهم من مسئولية تجاه بلادهم، وإعادة مفاهيمهم التي حرفها التحالف إلى جهاتها الحقيقية، ويكفي أن يستعرض الواحد منهم فقط القوات الأجنبية المتواجدة في كل محافظة باسم التحرير، ليكتشف أن بلاده أصبحت مطمعاً لكل أولئك الذين توطنوا في أهم مراكز الثروة وأهم المنافذ البرية والبحرية، ولم يأت منهم أحد إلا بضوء أخضر وتنسيق مسبق من التحالف، ليتقاسم الجميع الكعكة بمساعدة أصحاب الأرض أنفسهم، المخدرين بالشعارات والوعود الزائفة حتى انحرف إدراكهم لحقيقة ما يدور وحقيقة أنهم تحولوا إلى أدوات رخيصة لتدمير بلادهم وجعلها نهباً للأطماع الأجنبية.
وعلى صعيد متصل، اتهمت حكومة صنعاء، دولة الإمارات، قبل عدة أيام، بالـ”تغطية على نشاطات إسرائيلية” في جزيرة سقطرى جنوب شرق اليمن. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها “زكريا الشامي” وزير النقل في حكومة الانقاذ الوطني في صنعاء، في اجتماع استعرض الاعتداءات التي تتعرض لها حدود الجرف القاري للجمهورية اليمنية ووضع بلوكات استكشافية نفطية من قبل الصومال في الجرف القاري اليمني. وأكد “الشامي” على أهمية المحافظة على خط الأساس للجرف القاري للجمهورية اليمنية. كما توعدت حكومة صنعاء، يوم الخميس الماضي، دولة الإمارات بشن هجمات عسكرية، متهمة أبوظبي بفرض “أمر واقع” في عدد من الجزر والأراضي اليمنية، وخصوصاً سقطرى وميون. وجاء التحذير اليمني، الذي أطلقه وزير الخارجية في حكومة صنعاء، “هشام شرف”، على خلفية ظهور تقارير تتحدث عن شروع الإمارات في تشييد قاعدة عسكرية في جزيرة ميون الواقعة بمنطقة باب المندب غربي اليمن. واعتبر المسؤول اليمني، أن ما تقوم به الإمارات من ممارسات غير قانونية “أمر لا يمكن السكوت عنه” ومخالف للقانون الدولي الإنساني.
وفي الختام يمكن القول إنه أصبح لا يخفى على أحد أن الهدف الأساسي للإمارات في جزيرة سقطرى وجزيرة ميون هو موقعهما الاستراتيجي الذي يتلاءم تماماً مع تصورها لنفسها كإمبراطورية بحرية، تسيطر على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي. فمن يهيمن على سقطرى وميون لاسيما ببناء قواعد عسكرية برية وبحرية بالجزيرة يمكنه أن يسيطر على الملاحة قرب مجموعة أهم المضائق المائية في العالم، فهاتين الجزيرتين ليستا بعيدتين عن مضيق هرمز وقريبة لمضيق باب المندب ومنه إلى قناة السويس. وتاريخياً دفعت الأهمية الاستراتيجية لأرخبيل سقطرى وميون الطامعين الأجانب إلى محاولة احتلالها والسيطرة عليهما. كما يمكن القول إن الهدف لم يكن يوما فرض السلام في اليمن ولا التصدي لتوسع قوات “أنصار الله” كما تزعم الإمارات على الدوام بقدر ما هو خدمة أسيادها من الصهاينة وتمهيد الطريق لهم حتى يتحولوا إلى قوة بحرية كبرى تهدد الأمن القومي العربي وتقلب القوى لمصلحتها وهو ما دأبت الإمارات على الاشتغال عليه بكل عزم يقيم الدليل على خيانتها الواضحة وانخراطها العلني في الحرب على العرب والمسلمين
* المصدر : الوقت التحليلي