تتواصل ردود الأفعال العالمية وخاصة الإسرائيلية، حول إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن سفينة إيرانية محمّلةً بالوقود ستصل إلى لبنان محذرًا من استهدافها لأنه سيكون بمثابة استهداف “أراضٍ لبنانية”.
صحيفة إسرائيل ديفينس أشارت في مقال لها إلى انه “إذا كانت الناقلات نظيفة من الأسلحة، نصر الله سيُعتبر بطلاً وطنياً…وكل توقّع بأن الأزمة الاقتصادية ستدكّ إسفيناً بين حزب الله والجمهور اللبناني سيُدفن”.
النص المترجم:
نصر الله طلب من إيران إرسال ناقلات نفط إلى لبنان بهدف التخفيف من أزمة الوقود التي يعيشها الشعب اللبناني في الأشهر الأخيرة. وهذا بعد انهيار مؤسسات الدولة المشلولة عملياً.
وعليه، نصر الله تجنّد لأن يكون المخلّص الحالي للبنان، وهذا من خلال دعمٍ إيراني على شاكلة ناقلات موادٍ نفطية من إيران إلى لبنان. نصر الله يقول انه سيدفع للإيرانيين بالعملة اللبنانية.
من أجل حماية الناقلات في طريقها من إيران إلى لبنان، أعلن نصر الله أنه لحظة انطلاق الناقلات من إيران فإنها تُعتبر في نظره أرضاً لبنانية، أي أن مهاجمتها ستُعتبر، بحسب نصر الله، هجوماً على الأراضي اللبنانية. وهذا بعد أن أعلن نصر الله في الأسابيع الأخيرة أن أي خرقٍ للسيادة اللبنانية من جانب “إسرائيل” سيؤدي إلى ردٍّ من المنظمة. المعنى: نصر الله يضع معادلة هاجِموا الناقلات، سنرد في شمال “إسرائيل”.
كيف سترد “إسرائيل”؟
والحال هذه، أحد المخاوف هو أن يستخدم حزب الله الناقلات لتهريب وسائل قتالية من إيران. احتمال صفر. نصر الله لم يولد بالأمس وهو يعلم أنه إذا انتشرت على مواقع إخبارية في العالم صور وسائل قتالية على الناقلات فإن كل محاولة منه للحصول على دعمٍ من الشعب اللبناني ستذهب هباءً. في هذه الآونة، نصر الله ليس بحاجة لعناوين على شاكلة “نصر الله يستغل الشعب اللبناني من أجل الحصول على أسلحة من إيران”.
في المقابل، إذا كانت الناقلات نظيفة من الأسلحة، نصر الله سيُعتبر بطلاً وطنياً. وتعالوا نعترف، نصر الله ليس بالفعل ساذجاً كي يضع أسلحة على أول الناقلات القادمة من إيران. إذا كان هذا سيحصل فإنه سيكون بعد أن يصبح خط الناقلات روتينياً.
فيما تفشل حكومة لبنان في الاهتمام بالمواطنين، منظمة حزب الله فعلت هذا. إنها المرة الأولى التي يتحمّل فيها نصر الله، بصورة مباشرة، المسؤولية عن الاحتياجات اليومية للشعب اللبناني وليس منظمته فقط. لغاية الآن حزب الله عمل من وراء الكواليس في السياسة اللبنانية، من خلال وكلائه في الحكومة.
نصر الله وضع “إسرائيل” في مشكلة. إذا أحبط الجيش الإسرائيلي عمل الناقلات، الجمهور اللبناني سيتهم “إسرائيل” بمشكلة الوقود في لبنان. نصر الله سيستعيد الشرعية كجهة تقاتل “إسرائيل”، وكل توقّع بأن الأزمة الاقتصادية ستدكّ إسفيناً بين حزب الله والجمهور اللبناني سيُدفن. كما من المتوقع أن تحوّل شرعية أنشطة حزب الله ضد “إسرائيل” المشاهد التي صُوّرت في حاصبيا، بعد إطلاق القذائف الصاروخية على “إسرائيل”، إلى حدثٍ لمرة واحدة.
إذا لم يُحبط الجيش الإسرائيلي الناقلات، ووصلت إلى لبنان، الخشية في “إسرائيل” هي أن إيران، بواسطة حزب الله، ستحصل على شرعية سياسية أوسع.
خيار دولة فاشلة كلبنان اليوم لا يُسهم للأمن القومي لـ “إسرائيل”. إدارة أزمة أمنية مع جهة سياسية قوية ومركزية، حتى لو كانت معادية لـ “إسرائيل”، أسهل من إدارتها مع دولة مشرذمة إلى مناطق، في كل واحدة منها تعمل منظمة إرهابية مختلفة.
المسؤولية عن الاقتصاد اللبناني
في المعادلة الجديدة التي أنتجها نصر الله مع الناقلات، لا يستأهل الأمر لـ “إسرائيل” إحباط نقل وقود. بدل هذا، نعم الأمر يستأهل من “إسرائيل” متابعة طريقة توزيع الوقود. نصر الله وإيران يعلنان أن الوقود مخصص للشعب اللبناني. أي أن حمولة الناقلات يجب أن تُوزّع أولاً للمستشفيات وشركة الكهرباء والمياه ومحطات الوقود.
إذا استطاعت “إسرائيل” متابعة توزيع الوقود، وأظهرت أنه عملياً الوقود يُوزّع أولاً على كل عناصر حزب الله والمنظمات التابعة لحزب الله، يمكنها أن تنشر هذا في الصحافة العالمية من أجل إحراج نصر الله. صور كهذه ستقوّض أكثر فأكثر شرعية حزب الله في نظر الجمهور اللبناني وستُسهم كإسفين، الذي يتسع هكذا أيضاً بسبب الأزمة الاقتصادية في البلد.
أيضاً في حال تم توزيع الوقود على الجمهور أولاً، حينها أيضًا “إسرائيل” تربح. في حالة كهذه، نصر الله وضع نفسه بديلاً عن الحكومة، وفي كل مشكلة مستقبلية في تزويد الوقود للبنان، الجمهور اللبناني سيتهم حزب الله. عملياً، كما ذكرنا سابقاً، إنها المرة الأولى التي يتحمّل فيها نصر الله المسؤولية عن الحياة اليومية للجمهور اللبناني.
الحقيقة