في حين ظنتها حربا خاطفة وأطلقت على عملياتها “عاصفة الحزم”، متوهمة أن العاصفة لن تستغرق سوى أشهر ويتحقق الهدف المتمثل في غزو اليمن واحتلاله وإركاع الشعب اليمني ، ولكن ها هي الحرب التحالفية “إقليميا ودوليا” على اليمن تطوي عامها السادس بعدما تجرّع تحالف العدوان – المكون من 17 دولة عربية وأوروبية وأمريكية – خسارات هائلة ، ارتدت على اقتصاد وبُنى وقرار دول العدوان وراكمت خسائرها العسكرية بشريا وعتادا وعدة توثقها الأرقام والبيانات التي عرضتها القوات المسلحة اليمنية عبر متحدثها يوم الأحد الماضي، وأخرى اقتصادية هي أثمان الحرب لم يكشف عن حجمها الحقيقي بعد.
بعدما أعلن تحالف العدوان على اليمن – المكون من 17 دولة من العاصمة الأمريكية واشنطن في 26 مارس 2015م – بدء عمليات الحرب على اليمن بمزعوم “إعادة الشرعية” التي فرت إلى الرياض قبل ذلك الحين ، جلبت دول العدوان بقيادة أمريكا جيوشا ومرتزقة ومقاتلين مأجورين متعددي الجنسيات ، وشحنت آلاف السفن وطائرات الشحن بالأسلحة المختلفة “صواريخ وقنابل ومدافع ودبابات ومدرعات وطائرات وكل أدوات الحروب الحديثة إلى اليمن”، غير أن المطاف انتهى بحلف العدوان غارقا في المستنقع الذي ظنه حديقة خلفية ، ستة أعوام تكشف الأرقام والبيانات عن خسائر هائلة تكبدتها دول العدوان في الأرواح والعتاد، فضلا عن تعرضها لعمليات متتالية من اليمن تستهدف منشآت نفطية وقواعد ومطارات عسكرية تقف دول العدوان عاجزة أمامها.

الثورة / عبدالرحمن الأهنومي

لأكثر من مرة أشار قائد الثورة سماحة السيد عبدالملك الحوثي، إلى أن أمريكا تقود العدوان وأن فرنسا وبريطانيا “متورطتان” في الحرب على اليمن، مشددا – في أول خطاب له بعد إعلان العدوان في مارس 2015م – على أن الشعب اليمني لن يخضع ولو أتوا وحشدوا كل جيوش الدنيا، ومنذ ذلك الحين يؤكد السيد القائد أن ما يتعرض له اليمن غزو واحتلال تقوده أمريكا وتشارك فيه قوى غربية بينها بريطانيا وفرنسا.
ولذا حشد تحالف العدوان منذ اليوم الأول حشودا كبيرة من الدبابات والمدرعات والناقلات والجند، تقدر بأكثر من 100 ألف، إذ أن هذه المعدات تمكِّن الجيوش والمقاتلين المرتزقة من البقاء في اليمن، وهو الأمر الذي كان يخطط له تحالف العدوان.
في معركة عدن أواخر العام 2015م حشدت الإمارات مئات المدرعات والدبابات والآليات لاحتلال المدينة وفرض وجودها فيها، ومنذ ذلك الحين ما تزال مدينة عدن محتلة حتى الآن، غير أن ما تكشفه أرقام ستة أعوام من الحرب على اليمن تشير إلى أن هزيمة ساحقة لحقت بتحالف العدوان في المعارك البرية والجوية وفي مختلف مسارات المعركة.
وعلى سبيل المثال لم يعد اليوم- بعد مرور ستة أعوام – التساؤل كما كان سابقا عن أعداد الطلعات الجوية لطائرات تحالف العدوان، بل عن عمليات الجيش واللجان الشعبية، والصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة التي بات الداخل السعودي فيها هدفا يوميا لها ولا تستثني النظام الإماراتي.
ولم يعد السؤال اليوم عمّا تحرزه جيوش ومرتزقة وعملاء تحالف العدوان من تقدمات ميدانية، بل عمّا تتعرض له من انتكاسات وهزائم بفضل الله، ولم يعد السؤال متاحا إلا عمّا إذا كان تحالف العدوان سيوقف الحرب أم سيمضي إلى أن يقضي بارتداداتها؟!

مقبرة الدبابات والمدرعات

حتى الآن أمضت الحرب على اليمن ستة أعوام، لم تُعلن فيها لا السعودية ولا الإمارات – اللتان تتكفلان بالإنفاق المالي – عن التكلفة الحقيقية التي تكبداتها في ظل فشلهما على المستويين الميداني والعسكري وحتى السياسي، رغم أنّ ابن سلمان عدها في البداية حربًا خاطفة، الخسائر على الأرض، لا يُعرف حتى الآن حجم خسائر الجيشين السعودي والإماراتي، إضافة إلى التكلفة الحقيقية للصواريخ، والمدفعية الثقيلة، والاستنزاف الذي تعرض له جيشها على مستوى الذخيرة والدبابات والمدرعات.
لكن العميد يحيى سريع – في مؤتمره الصحفي بمناسبة مرور ستة أعوام من الصمود – أكد أن الجيش واللجان الشعبية تمكنوا خلال ستة أعوام من تدمير وإعطاب وإحراق أكثر من 14 ألفاً و527 آلية ومدرعة ودبابة وناقلة جند وعربة وجرافة وسلاحاً متنوعاً منها تسعة آلاف و859 عملية تدمير موثقة بالصوت والصورة من قبل الإعلام الحربي التابع للجيش واللجان الشعبية.
في تحقيق أجرته قناة “السي إن إن” في فبراير 2019م، وكانت مراسلة CNN نعمة الباقر تقتفي مسار الأسلحة الأمريكية والدمار الذي خلفته هذه الأسلحة في اليمن، كتبت “مرحبا بكم في اليمن حيث الأعداد الكبيرة من المركبات المدرعة الأمريكية التي تقدر بملايين الدولارات مهجورة على الطريق، مرحباً بكم في اليمن، حيث أن الأسلحة التي صنعت في أمريكا تباع وتسرق وتهجر، إنه أمر لا يصدق على الإطلاق، نحن نسير هنا والأمر بمثابة مقبرة للمعدات العسكرية الأمريكية، وعليها ملصق التصدير، من بومونت في تكساس إلى أبوظبي في الإمارات”.. وجدت المراسلة مقبرة حقيقية للمدرعات الأمريكية في الساحل الغربي، حيث جرت في العامين 2018-2017 م معارك ضارية، وحسبما قال السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حينها، إن تهامة تحولت إلى مستنقع للأعداء.
في بداية معارك الساحل الغربي كانت جيوش العدوان تستعرض بطوابير طويلة من المدرعات الأمريكية والفرنسية حديثة الصنع في كيلو16 والفازة وفي الخط الساحلي الطويل الرابط بين المخا والحديدة. في معركة واحدة فقط من المعارك التي جرت في كيلو 16 أعطب المجاهدون أكثر من 70 آلية ومدرعة، وفي معركة المطار حوالي 50 مدرعة حديثة الصنع، في معارك الحديدة التي اعتمدت فيها قوى العدوان على سلاح المدرعات أكثر من غيره، ومن خلال ما عرضته “سي إن إن” ومن خلال الأرقام التي كانت تنشر أيام المعارك، يتبين أن الآلاف من الدبابات والمدرعات والآليات دمرت وأحرقت في تلك المعارك.
منذ بداية العدوان في مارس 2015م، عرض تحالف العدوان طوابير طويلة من الدبابات والآليات والمدرعات وهي تتقاطر إلى اليمن بحرا وبرا، في الطريق بين الوديعة ومارب، كانت الصور يوميا تظهر تلك الحشود من الآليات وهي تتجه نحو مارب، أما في الساحل الغربي فالدبابات والآليات كانت أكثر من عدد الجنود.
تم تزويد الجيوش العدوانية منذ عام 2015م بأعداد كبيرة من ناقلات الجند المدرّعة والعربات المقاومة للألغام الأرضية، في نهاية العام 2015م بدأت تظهر بشكل واضح الخسائر في معارك الحدود التي جرت في جيزان ونجران، والصور التي أظهرت محارق كبيرة للمدرعات والدبابات الحديثة، ما إن كانت تتعرض الدبابة لإصابة طفيفة كان طاقمها السعودي أو المأجور يفر من داخلها، وفر ذلك للمجاهدين فرصة لزيادة تدمير المدرعات عن طريق إحراقها بولاعات صغيرة بعد هروب أطقمها تاركة إياها.
على مدار ستة أعوام من الحرب، التي يشنها تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، وبمشاركة بريطانيا وفرنسا ودول أخرى، وبجيوش وقوات متعددة الجنسيات ومرتزقة محليين، انخرطت في المعارك الميدانية ضد مجاهدي الجيش واللجان الشعبية والمتطوعين من عامة اليمنيين الذين انخرطوا في مواجهة العدوان، وبالنظر إلى الكم الهائل من الجيوش والمرتزقة والمجندين والمأجورين المحليين والأجانب الذين حشدتهم السعودية والإمارات في المعارك الميدانية منذ العام 2015م، لا يمكن تعقب خسائر المدرعات والدبابات والآليات العسكرية التي خسرها التحالف الإماراتي السعودي الأمريكي الذي يخوض معارك برية في اليمن من خلال الأرقام والبيانات الموجودة على الانترنت، لكن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع في مؤتمره الصحفي يوم أمس الأول – بمناسبة مرور ستة أعوام من العدوان على اليمن – أكد أن القوات المسلحة واللجان الشعبية تمكنوا خلال ستة أعوام من تدمير وإعطاب وإحراق أكثر من 14 ألفاً و527 آلية ومدرعة ودبابة وناقلة جند وعربة وجرافة وسلاحاً متنوعاً، منها تسعة آلاف و859 عملية تدمير موثقة بالصوت والصورة من قبل الإعلام الحربي التابع للجيش واللجان الشعبية.
ولفهم سياق خسائر تحالف العدوان من الدبابات والمدرعات والآليات التي تم رصدها خلال ستة أعوام من العدوان على اليمن، من المهم أن نناقش بإيجاز القوات التي انخرطت في الحرب الميدانية على اليمن وقوامها وتاريخها، وعدد الدبابات والمدرعات والآليات التي شحنتها الإمارات والسعودية وسلمتاها للمرتزقة الذين يقاتلون في صفوفهما.
تولت السعودية والإمارات تزويد الجيوش العدوانية على الأرض بالعتاد والسلاح علاوة على الأموال، وقد كانت الآليات المدرعة أكثر ما اعتمد عليه تحالف العدوان ومرتزقته في المعارك الميدانية والتقدم لإسقاط المدن اليمنية، كما أن الجيش السعودي يعتمد على الدبابات والمدرعات بشكل رئيسي في الحدود مع اليمن والتي تعرضت لهجمات كبيرة أحرقت فيها آلاف المدرعات والأطقم والدبابات.
اعتمد تحالف العدوان ومرتزقته على مركبات القتال المدرعة التي تنقل قوات المشاة في المعارك والقيام بعمليات الاستطلاع والتأمين والاشتباك، وتعد المدرعات إحدى الأسلحة التي تملك السعودية منها أعداداً ضخمةً، تجعل تصنيف جيشها ضمن أقوى 5 جيوش في العالم في هذا الجانب، وفقا لموقع “غلوبال فاير بور” العالمي المختص في تصنيف الجيوش، وتمتلك السعودية قوات برية لديها آلاف المدرعات والدبابات التي تشمل دبابات القتال الرئيسية ومركبات نقل الأفراد المدرعة، ومنذ عقود اشترت مملكة العدوان السعودية أعدادا هائلة وكبيرة من المركبات والآليات والمدرعات والدبابات لتضطلع بمهمتين رئيسيتين، أولاً: حماية الحدود البرية وتنفيذ عمليات توسع في أراضي الغير، وثانيا: فرض الأمن داخل المملكة واستخدامها في الحروب الداخلية.
فبينما يحتل الجيش الروسي المرتبة الأولى عالمياً بأكثر من 50 ألف مدرعة تأتي الصين في المرتبة الثانية عالميا بأكثر من 40 ألف مدرعة متنوعة، تحل بعدها الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الثالثة بأكثر من 39 ألف مدرعة، وتأتي السعودية في المرتبة الرابعة عالميا بأكثر من 11 ألف مدرعة متنوعة، تليها أوكرانيا التي تمتلك ما يزيد على 10 آلاف مدرعة قتالية، وتعد السعودية الأكبر تسلحا من حيث عدد المركبات القتالية المدرعة، متفوقة بذلك على تركيا التي تحتل المرتبة السابعة عالمياً بامتلاكها 9500، وبحسب البيانات التي تقدمها ويكبيديا فإن عدد الدبابات والمركبات في الجيش السعودي يصل إلى 1142 دبابة، و5472 مركبة مدرعة، لكنها اشترت خلال العدوان على اليمن أضعاف ما كانت تملكه سابقا.
كما أن النظام الإماراتي لديه جيش بري صغير، لكن الإمارات اعتمدت على المرتزقة بشكل أكبر في المعارك التي شنتها في اليمن وهي المعركة الوحيدة التي انخرط فيها النظام الإماراتي وجنَّد لها مرتزقة من اليمن ومن دول أفريقية ومن كولومبيا بلاك ووتر وغيرها، تمتلك الإمارات التي تحتل المرتبة الـ12 عالمياً بأكثر من 5900 مدرعة قتالية تليها مصر وإيران، لكنها خلال العدوان على اليمن اشترت آضعافاً منها وحشدتها إلى عدن والساحل الغربي والمناطق الجنوبية.
في الحقيقة، كانت الحرب على اليمن مهمة صعبة أمام تحالف العدوان وبالذات على السعودية والإمارات، ما دفعهما للحصول على أعداد كبيرة من الدبابات وناقلات الجنود المدرعة، وأسلحة المشاة المضادة للدروع (التي كان معظمها فرنسية وأمريكية).
وينبغي النظر إلى أعداد الدبابات والآليات والمركبات المدرعة المملوكة للنظامين السعودي والإماراتي قبل العدوان على اليمن على أنها تقديرات متفائلة، لكنها خلال ستة أعوام من الحرب على اليمن خسرت ما يقارب 20 ألف دبابة وآليات مدرعة ومركبات وأطقم، على أن الرقم الذي ذكره المتحدث العسكري يعد حقيقيا من واقع الإحصاءات والأدلة والتوثيق المرئي المشاهد، رغم أن الكثير منها لم توثق ولم يتم احتسابها من المعلومات العسكرية للجيش واللجان الشعبية لظروف الحرب ولأسباب تتعلق بالرصد من جانب واحد.

خسائر المدرعات في عدن والساحل الغربي

خلال الأشهر الأولى من العدوان على اليمن شحن النظام الإماراتي آلاف المركبات المدرعة بهدف احتلال مدينة عدن، وكانت مقاومة الجيش واللجان الشعبية مكثفة في معظم أحياء المدينة، وفي تلك المعركة – التي استمرت شهرين – قام المجاهدون باستهداف وتدمير دبابات ومركبات مدرعة معظمها أمريكية الصنع وأخرى فرنسية،، أما في معركة الساحل الغربي فقد شحنت الإمارات أكثر من 10 آلاف من المدرعات الأمريكية متعددة الطرازات وهي الأحدث إطلاقا، حيث اعتمد العدوان في معارك الساحل الغربي على الآليات المدرعة لنقل الجنود والتقدم، فيما اعتمد أبطال الجيش واللجان الشعبية على الكمائن والألغام وسلاح الهندسة وأسلحة ضد الدروع، فاقمت خسائر الغزاة والمرتزقة من الدبابات والمدرعات، علاوة على استخدام أسلحة رشاشة في إعطاب المدرعات من خلال تفجير الإطارات التي تعتمد عليها، ثم إحراقها بولاعات صغيرة.

خسائر الدبابات والمدرعات والآليات في الحدود

خلال الأربعة الأعوام الأولى للعدوان على اليمن، كانت المعارك في حدود اليمن والسعودية ساخنة وواسعة، ففي شهر مايو 2015م بدأ أبطال الجيش واللجان الشعبية بشن سلسلة عمليات هجومية واسعة على نقاط التمركز وأنساق الجيش السعودي في الحدود، وخلال عام واحد انهارت كل خطوط الحماية البرية للنظام السعودي، وشهدت المعارك التي جرت محارق بالجملة للدبابات والمدرعات وثقها الإعلام الحربي في مشاهد مُصوّرة، كان الجيش السعودي يترك الثكنات والمعسكرات ويفر منها تاركا المئات من الدبابات والمدرعات التي عمل الجيش واللجان الشعبية على إحراقها بالولاعات، ما أدى إلى زيادة هائلة في خسائر المركبات والمدرعات والدبابات الفرنسية والأمريكية الإبرامز والبرادلي التي يعتمد عليها الجيش السعودي.
خلال الأعوام الأربعة الأولى، عززت دول العدوان الخطوط الأمامية بآلاف الدبابات والأسلحة والآليات المدرعة، وحاولت التقدم في مناطق واسعة داخل اليمن والاستيلاء والسيطرة على مدن يمنية عدة والاستيلاء على أراض شاسعة، وهو الأمر الذي عرَّض الدبابات والمدرعات للاستهداف المتواصل ورجح كفة أبطال الجيش واللجان الشعبية، في الوقت نفسه أكسبت المجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبية خبرة في التعامل مع مختلف أنواع الدروع والدبابات والتعامل معها من خلال ضربها في نقاط ضعفها، وتمكنت هيئة التصنيع العسكري من تصنيع وتطوير أسلحة مدمرة للمدرعات والتعامل معها، كما شرعت قواتنا المجاهدة في تشغيل العربات والدبابات الحديثة التي تمكنت من السيطرة عليها واغتنامها من قوات ومرتزقة العدو.
في معارك مارب وفي نهم وفي العمليات الهجومية – التي شنها أبطال الجيش واللجان الشعبية، وأبرزها عملية “نصر من الله”، وعملية “البنيان المرصوص” وعملية “فأمكن منهم”، بالإضافة إلى الدبابات والمدرعات التي دمرها أبطال الجيش واللجان الشعبية – اغتنم أبطالنا أكثر من 3000 مدرعة ودبابة وآلية من مسرح المعارك خلال تقدمهم فيها، وكان ملحوظا الطوابير الطويلة من المدرعات والآليات المعطوبة في الخط الرابط بين فرضة نهم ومفرق الجوف في مقرات الألوية العسكرية التي كانت تقاتل في نهم، وتلك الطوابير كانت تشير إلى حجم الخسائر الهائلة للعدوان ومرتزقته من المدرعات والآليات والدبابات.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن الكثير من الخسائر لا تتوفر لها دلائل مرئية، فقد يكون العدد الفعلي لخسائر تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي أعلى بكثير، ويرجع ذلك إلى أن عدد المدرعات التي تم تعقبها في بداية العدوان على اليمن، من المرجح أن يكون الرقم المطروح أقل بكثير من الواقع في تقدير العدد الفعلي، إلى جانب ذلك قامت أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وحتى روسيا بشحن أعداد كبيرة من الدبابات والمدرعات من طرازات حديثة مختلفة إلى اليمن، يمكن القول إن رابع أكبر أسطول دبابات ومدرعات في العالم قد تم تدميره في اليمن.
وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى عدة أسباب ترجح فقدان تحالف العدوان الأمريكي السعودي الكثير من المدرعات خلال الحرب على اليمن والتي بلغت – بحسب معلومات الجيش واللجان الشعبية – حوالي 15 ألف دبابة وآلية مدرعة، تتمثل أولا في شراسة اليمنيين واعتمادهم على المقاومة والهجمات المباغتة والكمائن واستخدام صواريخ موجهة وأسلحة ضد الدروع وصناعة قناصات خارقة للدروع، كذلك تتمكن من إعطاب المدرعات، وأيضا توفيق الله الذي يعتبر هو الأهم في كل المعارك التي يخوضها اليمنيون لارتباطهم وثقتهم بالله وتوكلهم عليه.

دبابات ومدرعات متعددة الجنسيات

سجلت المدرعات المقاومة للألغام – وعلى رأسها العربات الأمريكية المقاومة للألغام Oshkosh MATV – الرقم الأعلى للعربات المدمرة خلال ستة أعوام من الحرب على اليمن، إذ يصل ما دمر منها إلى أكثر من ألفي مدرعة، النوع الثاني من أنواع العربات المقاومة للألغام هو العربات الأمريكية Caiman””، التي تم تدمير المئات منها في معارك الساحل الغربي وفي عمليات الحدود، أما النوع الثالث من العربات المقاومة للألغام فهو العربة الأمريكية Maxxpro، التي تم تدمير أكثر من 500 عربة منها، في تعز وفي معارك كيلو 16 بالساحل الغربي التي جرت خلال عامي 2018 – 2019م، وكان للعربات الإماراتية الصنع NIMR بنسخها المختلفة نصيب أيضاً من إجمالي الخسائر، على الرغم من أداء هذه العربات المتميز مع الجيش المصري في سيناء، إلا أنه ومنذ إدخال نسختها Ajban420 إلى الميدان اليمني في فبراير 2016م، تعرضت لخسائر جسيمة خاصة في الساحل الغربي، حيث يقدر عدد العربات المدمرة من هذه النسخة والنسخ الأحدث مثل Ajban440A وAjban450 وJais إلى أكثر من 250 عربة حتى منتصف الشهر الحالي.
في ما يتعلق بعربات القتال المدرعة، فقد حازت العربات كندية الصنع LAV على النسبة الأكبر من العربات المدمرة خلال كامل فترة الحرب، حيث تم تدمير أكثر من 500 عربة من كافة النسخ المتوفرة لدى الجيش السعودي وعلى رأسها النسخة LAV-25، أما المركز الثاني في نسبة عربات القتال المدرعة فحازته عربات القتال الأمريكية الصنع Bradley، حيث تم تدمير أكثر من 100 عربة منها في مناطق جيزان ونجران خلال عامي 2015م – 2016 فقط، المركز الثالث حازته المدرعات الجنوب أفريقية Ratel التابعة للجيش الأردني، والتي تزودت بها بعض وحدات المرتزقة، حيث تم تدمير العشرات منها من النسخ Ratel 90-60-20 .
الدبابات لم تكن غائبة عن المشهد الميداني في اليمن، حيث تم تدمير ما مجموعه 700 دبابة، تأتي على رأسها دبابات أميركية الصنع من نوع Abrams وأمريكية الصنع أيضاً من نوع M60 بنسخها المختلفة، كذلك كان لناقلات الجند المدرعة نصيب من الخسائر طيلة فترة الحرب، بإجمالي كبير ووافر، على رأسها الناقلة الأمريكية الصنع M113 بنسخها المختلفة، والتي تم تدمير المئات منها من إجمالي ما تم تدميره من ناقلات مدرعة.

خسائر بشرية فادحة

في ظل غياب تقديرات رسمية أو شبه رسمية سعودية عن الخسائر المالية والاقتصادية التي تتكبدها مملكة العدوان السعودية في حربها التحالفية على اليمن، ذكر المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع أمس الأول في مؤتمره الصحفي بمناسبة مرور ستة أعوام من العدوان على اليمن، ما وثقته المعلومات العسكرية اليمنية من أرقام حول الخسائر البشرية، وأكد أن ما تم رصده من خسائر بشرية في صفوف جيش مملكة العدوان السعودي خلال ستة أعوام، أكثر من 10 آلاف و403 ما بين قتيل ومصاب منهم 403 قتلى ومصابين منذ مطلع العام الحالي 2021م.
العميد سريع أوضح أن الخسائر البشرية للعدو الإماراتي خلال ستة أعوام بلغت أكثر من ألف و240 ما بين قتيل ومصاب، فيما بلغت الخسائر البشرية في صفوف المرتزقة السودانيين أكثر من ثمانية آلاف و634 قتيلاً ومصاباً، وفيما لم يوضح أرقاماً للقتلى من المأجورين المرتزقة الذين جلبهم تحالف العدوان من جنسيات ودول وجزر وبلدان عديدة، أشار إلى أنه سُجلت خسائر بشرية في صفوف جيوش دول شاركت في تحالف العدوان منها دول انسحبت إضافة إلى خسائر تلقتها الشركات الأمنية.
القتلى من المرتزقة والخونة والعملاء الذين جنّدهم التحالف العدواني بقيادة أمريكا، بيَّن سريع أن عددهم يتجاوز 226 ألفاً و615 بين قتيل ومصاب، بينهم أربعة آلاف و700 قتيل ومصاب خلال الأشهر الماضية، مستدركاً أن العدو اعترف خلال الأيام الماضية بمصرع 18ألفاً من المرتزقة و50 ألف مصاب خلال العام 2020م في جبهات مارب فقط.
في عملية واحدة حدثت في العام 2018م، قرب مدينة الحديدة قتل أكثر من 255 جنديا وضابطا، حين تعرضوا لكمين نفذته وحدات الهندسة العسكرية، وقد أظهرت العملية حجم الخسائر البشرية التي تكبدتها قوى العدوان في تلك المعركة، في عملية “نصر من الله” التي نفذها المجاهدون في العام 2019م، تم قتل وأسر ما لا يقل عن 2500 شخص في العملية، والرقم مقارب لما حدث في عملية “البنيان المرصوص” بداية العام 2020م في نهم وصولا إلى الجوف.
تمكن الجيش واللجان الشعبية خلال ستة أعوام، من تدمير وإعطاب وإحراق أكثر من 14 ألفاً و527 آلية ومدرعة ودبابة وناقلة جند وعربة وجرافة وسلاحاً متنوعاً منها تسعة آلاف و859 عملية تدمير موثقة بالصوت والصورة من قبل الإعلام الحربي التابع للجيش واللجان الشعبية.
الأرقام التي عرضها العميد يحيى سريع – في بيانه الصحفي بمناسبة مرور ستة أعوام – تأتي من واقع الإحصاءات اليومية الرسمية التي يوثقها قسم المعلومات في القوات المسلحة، وقد تكون الأرقام أكثر مما يتم توثيقه.

عدد قتلى الجنود السودانيين

أكد العميد يحيى سريع – المتحدث باسم القوات المسلحة في مؤتمره الصحفي بمناسبة مرور ستة أعوام من الصمود أمام العدوان على اليمن – أن الخسائر البشرية في صفوف المرتزقة السودانيين بلغت أكثر من ثمانية آلاف و634 قتيلاً ومصاباً، طيلة سنوات العدوان على اليمن التي شهدت مشاركة من الجيش السوداني والمرتزقة الذين أرسلوا للقتال في اليمن في عهد البشير الذي أسقط من الرئاسة في العام 2020م، ورغم سقوطه إلا أن مشاركة السودانيين في الحرب على اليمن استمرت في عهد حكم المجلس العسكري.
حين بدأت التحضيرات لحرب اليمن في عام 2015م، طلبت دولتا العدوان السعودية والإمارات من كل من: مصر، وباكستان، والمغرب، وتركيا، وبنجلاديش، المشاركة بقوّات عسكرية بريّة، لكن طلبهما قوبل بالرفض، أما الرئيس السوداني الذي أسقطته الثورة السودانية من الرئاسة محمد عمر البشير، فقد قرر إمداد السعودية بالجيوش ليعلن بعدها انضمام السودان إلى ما أسمي «عاصفة الحزم»، تحت شعار «حماية أرض الحرمين الشريفين، وحماية الدين والعقيدة»، وتمثلت الخدمة التي قدمها السودان آنذاك في المشاركة بقوات برية وجوية.
إضفاء بُعد إسلامي على الحرب، إضافة إلى التنازلات الجريئة التي قدّمها السودان، استدعت مكافأة الدول الخليجية؛ وبعيدًا عن المكاسب السياسية للنظام السوداني آنذاك، فإن القوّات السودانية التي تحرس الحدود السعودية تعرضت باستمرار للقصف من قبل الجيش واللجان الشعبية ؛ بل إنها تبرز كأكثر القوات المشاركة في التحالف على أرض المعركة، وحين تُقتل القوات السودانية تتكفل السعودية بدفنهم في مقابر البقيع بالمدينة المنورة، ليكتمل شعار الحرب المُقدسة التي ذهب الجيش السوداني من أجلها، كما يقول مراقبون.
وكشف الفريق أول محمد حمدان حميدتي – نائب رئيس المجلس السيادي – أن عدد القوات السودانية التي تشارك في الحرب على اليمن بلغ 30 ألف جندي، معظمهم من قوات الدعم السريع التي استعانت بها الحكومة السودانية سابقًا في دارفور، وينتشرون في أربعة ألوية على الحدود بين بلادنا وبين مملكة العدوان السعودية، كما تمثلت مهامهم في القيام بعمليات برية في الساحل الغربي، وفي كل المعارك التي حدثت في الساحل الغربي وفي الحدود كانت المشاهد التي يوثقها الإعلام الحربي تظهر أعداداً كبيرة جدا من السودانيين الذين يقتلون في المعارك.
ووفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، فإن 40 % من الجنود كانوا أطفالاً أعمارهم بين 14 – 17 عامًا، ويتسلمون رواتب تعادل 480 دولارًا شهريًّا للمبتدئ البالغ من العمر 14 عامًا، و530 دولارًا لضابط «الجنجويد» المُتمرس، ويتلقى المقاتل بعد ستة أشهر من العمل 10 آلاف دولار، وسبق للقوات المسلحة أن عرضت أسرى سودانيين وأبدت استعدادها لتسليمهم في وقت سابق، كما أشار المتحدث العسكري يحيى سريع في وقت سابق إلى حصيلة سابقة للقتلى السودانيين، وتلك الحصيلة تداولتها الصحف السودانية ولاقت رواجًا، خاصة في ظل صمت رسمي وتحفظ مُسبق، على طبيعة عمل تلك القوات، أو حجم الخسائر التي تعرضت لها، على ضوء ما كشف بأن السعودية تزج بهم في الخطوط الأمامية.
وكذلك جنّدت الحكومة السودانية للنظام الإماراتي المعتدي – مقابل أموال دفعته للمجلس الحاكم العسكري في السودان – آلافاً من السودانيين وحشدتهم إلى معارك الساحل الغربي، وكان السودانيون يستخدمون في الخطوط الأمامية للمعارك حتى ارتفعت أعداد القتلى منهم والجرحى ما اضطرهم للتراجع خلف جبهات السلفيين الذين يتشكلون تحت مسمى ألوية العمالقة.

خسائر مالية واقتصادية لا تقدر

وفقًا لمقياس الفوز في العلوم العسكرية، فإن انتصار أي دولة يرجع لمقارنة التكلفة المادية مقابل المكاسب الميدانية والسياسية، وإسقاطا على الحرب التي تشنها دول تحالف العدوان على اليمن بتمويل السعودية والإمارات وبإشراف أمريكي ومشاركة بريطانية وفرنسية، فلا تظهر الأرقام الأكيدة كم أنفقت السعودية والإمارات خلال ستة أعوام من الحرب على اليمن، والأرقام تشمل صفقات السلاح، ومرتبات الضباط، وتكلفة نقل القوات والمناورات الهجومية والدفاعية، وتعويضات القتلى، علاوة على تكاليف الضربات الجوية باستخدام 100 طائرة استأجرتها السعودية وتكاليف تشغيل الطائرات والذخائر المُستخدمة والاحتياطية، وثمن كافة قطع الغيار والصيانة، وغيرها.
في اللحظة الأولى التي أعلنت فيها دول تحالف العدوان – ممثلة بأمريكا والسعودية والإمارات والبحرين وقطر وفرنسا وبريطانيا ومشاركة ألمانيا والمغرب ومصر ودول أوروبية أخرى، وبتأييد ومباركات دولية وإقليمية- الحرب من العاصمة الأمريكية على اليمن قامت دويلة الإمارات ومملكة العدوان السعودية بعقد صفقات هائلة لشراء الأسلحة المختلفة والعتاد العسكري، واحتلت الدبابات والمدرعات الأمريكية الفاخرة والفرنسية الجزء الأكبر من تلك الصفقات، وفيما كانت اليمن تتعرض لحرب النار والحديد، كانت تشتعل حرب المنافسات على عقود بيع الأسلحة في الظل بين الدول الكبرى وكذا شركات السلاح على توقيع عقود بيع السلاح مع تحالف العدوان على اليمن.
السعودية – التي تربح في الساعة الواحدة نحو 24.4 مليون دولار من مبيعات النفط – خسرت احتياطاتها النقدية واستدانت في العامين الأخيرين لتغطية العجز في موازنتها السنوية بنسبة وصلت إلى أكثر من 30 %، وفي مسعى لتقليص العجز الكبير في الموازنة سحبت السعودية أكثر من مرة – كانت الأولى في عام 2017م -مليارات الدولارات من أصولها في الخارج.
تعد مملكة العدوان السعودية الأولى من حيث الإنفاق العسكري، حيث وضعت في موازنات الأعوام الأخيرة ما يقدر بترليون دولار للعام الواحد، لتصبح بذلك الأولى إنفاقا بعدما كانت الثالثة قبل الحرب على اليمن، متفوقة بذلك على روسيا، اشترت السعودية أفخر أنواع الأسلحة واستأجرت أحدث الطائرات ودفعت تكاليف باهظة كبيرة لتمويل حربها على اليمن، صحيفة «ناشيونال إنترست» الأمريكية قالت إنّ الحرب على اليمن استنزفت الاحتياطي النقدي الذي عملت السعودية عقودًا من أجل ادخاره، وعرَّضت موازنتها للعجز، لكنّ تلك الأرقام على ضخامتها تظل ضئيلة أمام تقديرات الصحف الغربية، فهي تنفق المليارات لشراء الأسلحة.
وبحسب المعلومات التي جمعها مرصد المساعدة الأمنية الأمريكي SAM)) فإن الولايات المتحدة هي الأولى التي باعت أسلحة للسعودية والإمارات وأبرمت صفقات بيع السلاح بما يقارب تريليون دولار للسعودية، وحوالي 100 مليار دولار مع النظام الإماراتي خلال عامين فقط، بريطانيا التي تُصدر نصف أسلحتها إلى الرياض حصلت على مئات المليارات من الدولارات، والحال كذلك بالنسبة لفرنسا التي تصنف بأنها الدولة الثالثة التي تبيع السلاح للعدوان على اليمن، وكذلك ألمانيا، وأيضًا إسبانيا وإيطاليا حصلتا مُجتمعتين على مليارات الدولارات، والنرويج والدنمارك والسويد وسويسرا واستراليا وبلجيكا والنمسا ودول أخرى.
في الوقت الذي دفعت فيه الحرب على اليمن واحدة من أفقر الدول العربية للسقوط في منحدر المجاعة والأمراض والأوبئة؛ فإنها من جانبٍ آخر وضعت السعودية – ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم- في أزمةٍ اقتصادية مُكتملة الأركان، بينما ربح الصفقة كاملةً تجار السلاح الذين يتعاملون مع السعودية على أنها بقرة حلوب، وهم أمريكا وبريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى تقول إنها تساعد اليمن مما تحصل عليه من أموال مقابل مبيعات السلاح.
ما كشفته الإحصائيات – التي عرضها المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة يوم أمس الأول- يعكس جانبا واحدا فقط من الخسائر والأثمان الباهظة التي دفعها تحالف العدوان جراء حربه على اليمن، أما الجانب الآخر من الخسائر فيبقى مخفيا، لكنه يضع النظامين السعودي والإماراتي أمام مصير قد يبدو وجوديا في المنظور المتوسط.