علي ظافر
خلال خمسين يوماً مضت ورغم الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج وفرض الحصار البري والبحري على الـيَـمَـن، ورغم مليارات الدولارات التي أنفقت، سواءٌ في تكاليف الحرب أو شراء الذمم أو شراء المواقف السياسية لم يستطع العدوانُ السعودي الأَمريكي تركيع الـيَـمَـنيين وإعادتهم إلَـى بيت الطاعة.
يدرك السعوديون وحلفاؤهم جيداً أنهم خسروا المعركةَ، وأن الخيارَ العسكري المباشر لا يمكن أن يثمرَ شيئاً من النتائج التي خطَّطوا لها مطلقاً، وهذه القناعة تجعلُهم يفكرون في إيجاد بدائل يراهنون عليها مستقبلاً.
السعودية اليوم تخطط لحرب برية ولكن من نوع آخر، نحن ندرك جيداً أن رهاناتها على باكستان ومصر في خوض حربها البرية سقطت، كما أنها هي ليست مستعدةً لرمي جيشها في معركة غير محسوبة النتائج، وهي بمثابة محرقة للجيش السعودية بناءً على ما استخلصته من حرب الفين وتسعة الفين وعشرة مع مجاميعَ بسيطة من أنصار الله في جبال الدود والدخان وكثير من المناطق التابعة لجيزان، والتي أُسر فيها جنود سعوديون وتمكن مقاتلو أنصار الله إذ ذاك من السيطرة على عتاد عسكري ضخم وتقلبت فيها موازينُ القوى ولاقت السعودية ما لم يكن في حُسبانها.
اليومَ السعوديةُ غيرُ مستعدة لتكرار التجربة والهزيمة مجدداً وبجيشها هي، هي فقط تريد أن تخوض الحرب بمرتزقة، ولديها الاستعدادُ لدفع كُلّ ما يلزم من الأموال والسلاح؛ من أجل خَوض حربها بالوكالة على قاعدة منا المال ومنكم الرجال”.
في هذا السياق كشفت صحيفةُ الرأي الكويتية أن السعودية أنشأت معسكراً في “شرورة” الحدودية لاستقبال عشرات الشباب المغرَّر بهم وبعض الضباط الموالين للإصْـلَاح وعلي محسن بعد أن يزكيَهم المشايخ الموالون لعلي محسن الأحمر في بعض المحافظات الـيَـمَـنية ومن ثم تدريبُهم داخل المملكة وتسميتهم بـ جيش الشرعية وتنصيب بعضِ المشايخ الهاربين من حاشد قادةً عليهم وتكون مهمتهم الدفاع عن “الشرعية” ومواجَهة “التوسع الحوثي”!.
إلى ذلك تشيرُ المعلوماتُ أن السعودية أرسلت أكثر من 25 سيارةً محملة بالذخيرة والعتاد العسكري لدعم القاعدة وميليشيا الإصْـلَاح المتهالكة في صعيد شبوة، لإنعاشها من جديد بعد انهزامها أمام ضربات الجيش واللجان الشعبية، وتؤكد المعلومات أَيْـضاً أن قيادات الإصْـلَاح والعسكريين الموالين له يدرُسون مع قيادة القاعدة في مَأرب تشكيلَ ما يسمونه بـ “جيش النخبة” لمواجهة الجيش واللجان الشعبية، كما تشير المعلومات أَيْـضاً إلَـى أن السعودية دفعت ببعض المشايخ الهاربين إلَـى المناطق الحُدودية بين محافظة الجوف الـيَـمَـنية والسعودية لقيادة المسلحين من شذاذ الآفاق هناك.
هذه المعطياتُ تقودُنا إلَـى حقيقة واحدة، وهي أن السعوديةَ اليوم تعول على المرتزقة والقاعدة وميليشيا الإصْـلَاح، وتراهنُ عليهم في تحقيق ما لم تستطع هي وحلفاؤها تحقيقَه طيلة أيام العدوان على مدى حوالي شهرين، لكن الحقيقةَ التي لم تدركها السعودية هي انها تقاتل قوماً ليست الهزيمة والتراجع موجودة في قاموسهم، ومقابل ذلك ما زالت تراهن على الفاشلين.
الخلاصةُ التي يمكننا التوصل إليها أن السعودية ستخسرُ مجدداً وستقط كُلّ رهاناتها على قاعدة “تجريب المجرب خطأ”، ومن منطلق أن الرهان على الفاشلين فشل وعلى السعودية أن تقبل بحقيقة أن الـيَـمَـنيين سينتصرون، وأن إرادتهم ستنتصر حتماً، وسيصلون إلَـى يمن حر مستقل مستقر، طال الزمن أم قصر، وإذا لم تقبل بهذه الحقيقة اليوم فستقبلُها غداً ولكن بعد أن تخسرَ كُلَّ شيء.